كيف نصنع التغيير؟ 2





دوّن همام دوبا: كيف نصنع التغيير؟ 2

شرحنا في المنشور السابق، العلاقة بين البنى التحتية والبنى الفوقية، وطبيعة التأثير بينهما، وتحدّثنا عن بعض الخطوات الواحب اتباعها لنحصل على مجلس شعب فعّال يلبّي طموحاتنا، لنفرد اليوم منشوراً خاصاً أكثر تفصيلاً عن البنى التحتية، والتّغيرات البسيطة التي تمأسس للمتغيّرات المؤثّرة في الخط البياني للمجتمعات

يتفق معظم الناشطين والمنظرين وعلماء الاجتماع والفلاسفة وأصحاب الرأي، أنّ تغيّر المجتمعات يحتاج وقتاً، يمتدّ لربما إلى أجيال، فأيّ نقطة تطور في حياة أو شخصية الفرد، ليست وحدها سبب تطوره، بل تسبقها وتبنيها تجارب فاشلة وناجحة ومواقف وخبرات متراكمة، ليتمظهر هذا التطور في نقطة فاصلة بُنيت على المتغيّرات التي سبقتها وكذلك المجتمعات، التي لا يمكنها أن تبني فرصةً أو تستغلها إلا إذا كانت ناضجة من خلال تجاربها الفاشلة منها قبل الناجحة، قبل أن تراكم وعياً اجتماعياً، ومن ثم سياسياً على مدى زمن، وكلّما اشتدت الحاجة إلى التغيير، كلما انجبر المجتمع على التغيّر والسعي للتغيير، وذلك مقونن في قانون صراع المتناقضات لكارل ماركس( سنفرد له منشوراً لاحقاً)

بنائاً على المنشور السابق من السلسلة، يراودنا سؤال، ما التغيير الذي سنحصل عليه إذا تعرّفنا على النظام الداخلي لمجلس الشعب؟، أو ما هي الفائدة التي سيحصل عليها المجتمع من معلومات متعلّقة بقانون الانتخاب؟، هل سنستطيع اجبار الأعضاء المنتخبين على التواصل معنا بعد النجاح بالانتخابات؟، هل ستتغير عقلية عضو مجلس الشعب، أو هل سيتفعّل دوره إذا شكّلنا وعياّ تجاهه؟ يعني من أخرتا، شو رح يفيدنا هل حكي؟

تطبيقاً لقانون (الكم إلى كيف) لكارل ماركس الذي يقول بأنّ تراكم التغيّرات الكمّية(ارتفاع درجة حرارة الماء) يؤدي في نقطة ما إلى تغيّرات كيفية (غليان الماء)، فإنّ تطور إدراكنا كمجتمع سوري لدور مجلس الشعب، معرفتنا بالقواعد، والقوانين، والطرق المتّبعة في هذا المجلس وإدراك أهميّة أصواتنا، الضغط المستمر على الأعضاء المنتخبة، وإلزامهم بالتواصل مع الفئات المُنتخبة لربما لن يحدث تغييراً في دورة انتخابية أو دورتين أو ثلاث، إلّا أنّ ذلك سيراكم تغييراً كمّياً في نظرة المرشّح، أي مرشح، إلى وعي ناخبيه، وضغوطاتهم، ليصبح الترشح إلى عضوية مجلس الشعب، ترشّح لمسؤلية، وليس لوجاهة، أو لحصانة أو غيرها من الميّزات، هذا التغيير الكمّي في عقلية المرشّح سيؤدي حكماً لتغيّر كيفي في بُنية هذه المؤسسة، وعملها
مثلاً، إذا قاطع السوريون جميع المرشحين الذين لم يقدموا بياناً انتخابياً، سيصبح البيان الانتخابي في دورات لاحقة عرفاً يعمل عليه جميع المرشّحين، وبالتالي يصبح للناخبين القدرة على مسائلة العضو الناجح وفقاً لبيانه الانتخابي، ومن لم يحقق شيئاً على الإطلاق، لا يعيد المجتمع انتخابه، إذاً تغيّر وعي المجتمع تجاه مجلس الشعب سيؤدي حتماً مع الزمن اللازم لتغيّر طبيعة المرشحين، الذي سيؤدي بدوره حكماً لتغيير في بنية المؤسسة ككل.
وفقاً لأعلاه، برأيك، كيف نغيّر؟
ومن أين يبدأ التغيير؟

#نقاشات_في_الشأن_العام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق