حبّ ال 500 أو حبّ الالتهاب .. إلى أين؟؟
كتبت مايا حسن:
حبّ ال 500 أو حبّ الالتهاب .. إلى أين؟؟
المضاد الحيوي يقتل الجراثيم فقط، لا تأخذه في حالة الرشح والانفلونزا
من الخاطئ عدم اتمامك لدورة العلاج أو كورس الدواء
ليس من الصحيح مشاركتك للمضادات الحيوية مع الأصدقاء والعائلة
لطالما سمعنا ودرسنا منذ المرحلة الابتدائية عن العظيم ألكسندر فلمنغ الذي استطاع أن يحقق ثورة في المجال الطبّي باكتشافه البنسلين سنة 1928 ، فقد تمكّن هذا الدواء من رفع متوسّط حياة الإنسان والذي بلغ في بداية القرن العشرين 47 عاماً بسبب الأمراض الانتانيّة (كالكوليرا، تيفوئيد، ديفتيريا، الجدري) والتي لم يتوافر لها علاج قبل ثورة المضادات الحيويّة.
ولكن هذه الثورة لم تستطع أن تدوم طويلاً حيث أن الجراثيم كائنات بالغة الذكاء تستطيع من خلال آليات طبيعية أن تقاوم المضاد الحيوي من خلال طفرات جينيّة يغيّر فيها الجرثوم من شكله فيمنع المضاد الحيوي من القضاء عليه.
لا أريد أن أتوسّع بالشرح علميّاً ولكن يجب التأكيد على فكرة أنّ مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة ليست بجديدة فهي من الآليات الطبيعيّة التي تحدّث في الجراثيم، على عكس ما يٌقال الآن بأنّ استخدامنا العشوائي لهذه الأدوية يقودنا إلى هذه الآلية، فالصيغة الأدق علميّاً هي أن استخدامنا العشوائي للمضادات الحيوية فضلاً عن استخدامها بطريقة خاطئة (كأن نستخدمها في حالات الزكام والرشح اللذين يعتبران التهابات فيروسيّة لا جرثومية) سيسرّع من هذه الآلية الطبيعية وبالتالي يرفع من كلفة العلاج ويزيد من خطر الموت بسبب الجراثيم المقاوِمة الخطيرة.
في أكتوبر 2015 أطلقت منظمة الصحّة العالمية أوّل نهج موحّد لنظام مراقبة مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية المسمّى ب GLASS (Global Antimicrobial Resistance Surveillance System) حيث يسعى هذا التقرير الذي يصدر كل سنتين إلى جمع بيانات الدول المشاركة والتي تخصّ نسب مقاومة جراثيم معيّنة للمضادات الحيوية المتوافرة. وفي هذا التقرير يتمّ دراسة العينات المُرسَلة بشكل روتيني إلى المخبر مع أخذ متغيرات عديدة كالعمر، الجنس، ومنشأ الإنتان.
ولكن ماذا عن سورية؟
للأسف سورية ليست من الدول المشتركة في هذا التقرير وبسبب ندرة الأبحاث العلميّة في سورية عن هذا الموضوع لا نستطيع أن ندرك حجم المشكلة التي نعاني منها حاليّاً. أحد هذه الدراسات القلية و التي أقيمت في مشفى المجتهد في دمشق درست مقاومة وحساسية سلالات جرثومة الكليبسيلا لمضادات حيوية مختلفة وأكّدت أنّ نسبة المقاومة كانت أعلى بكثير من دراسات أقيمت في دول مجاورة.
والسؤال الأهمّ هنا:
على عاتق من تقع مسؤولية هذه المشكلة؟ على عاتق وزارة الصحّة التي تسمح بصرف المضادات الحيوية من دون وصفة رغم وجود قانون يمنع ذلك؟ أم على عاتق بعض الصيادلة الذين يبالغون بصرف هذه الأدوية لأغراض تجارية؟ أم على شركات الأدوية التي تمنح عروض "مع كل صندوقين من دواء معيّن رزمة مضاد حيوي مجانٍ"؟ أم على عاتقنا نحن الأفراد لأننا ما زلنا نؤمن بأن الحبّة التي تحسّن علىها ابن جاري سيتحسن عليها ولدي !
آن الأوان لأن نخرج من دائرة "اسآل مجرّب ولا تسأل حكيم".
*الصورة من دراسة أجراها طلاب من الجامعة السورية الخاصة عام 2017 حول مقاومة جرثومة الكليبسيلا للمضادات الحيوية.
*يشير الرابط إلى تقرير منظمة الصحة العالمية GLASS في سنتي 2016-2017
https://www.who.int/docs/default-source/searo/amr/global-antimicrobial-resistance-surveillance-system-(glass)-report-early-implementation-2016-2017.pdf?sfvrsn=ea19cc4a_2
الصيدلانية مايا حسن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق