صناعة المستقبل وليس اللحاق به





صناعة المستقبل وليس اللحاق به

لم يعد المطلوب من الحكومات وضع الخطط الطموحة والبرامج الزمنيّة لتنفيذها، هذا لم يعد مجدِ. وعي المواطنين وبفضل وسائل الإعلام والانترنت أصبح متسارعاً في التطوّر والتبدّل، وصار أقرب إلى حالة عدم الرضا المستمر مع ما تمنحهُ له وسائل التواصل الإجتماعي من مجال للمقارنة والمفاضلة بين أدق تفاصيل حياته وطريقة عيش الآخرين في أبعد بقعة جغرافية من الأرض.

انتهى زمن المكرُمات

الحكومات لم تعد في وضع تُحسد عليه، المتصدين للشأن العام يتكاثرون مع كل بضعة مئات من الإعجاب على منشوراتهم، ومع كل دولار يدفع لتحقيق وصول أعلى لمنشوراتهم وطروحاتهم.

اليوم هناك سباقٌ على الحكومات والإدارات أن تخوضه مع نفسها، لم تعد الخدمات موضع مكارم يلقي بها الحكام أو الأحزاب المسيطرة على المواطنين بل أصبحت بديهيّات يجب لحظها قبل الخوض في سباق المستقبل لأجل الناس.

هذا يتطلب بالضرورة المرونة التي تفتقدها المؤسسات البيروقراطية، إن وعي الشارع/ الناس/ المواطنين يتصعّد بشكل مقلق أحياناً والمشكلة الأزليّة في درجات هذا الوعي المختلفة التي تتباين بين المركز والأطراف وهي بطبيعة الحال مستمرّة هُنا، الوعي خاضع لاعتبارات المناطق والوصول والطبقة وليس وعياً موحداً يسهُلُ ملاحقتهُ وتتبعهُ، الموقف حرج بالفعل فمفهوم النخبة تبدّل بشكل جذري ولم يعد من الممكن الركون إلى مجموعات النخب التقليديّة لتجربة التواصل والحوار والإشراك بشكل حقيقي أو تمثيلي، البشريّة بكاملها مدعوّة لفتح نقاش الديموقراطيّة والتمثيل، حتى الديموقراطيّة تم تعجيزها وقولبتها لتكون شكلاً آخر لسيطرة الدعاية القوية والشركات الكبرى من خلفها.

هناك متطلبات ابتكاريّة في الوصول إلى الناس، ليست بصندوق شكاوى ولا بالتغذية الراجعة فقط، لم تعد تكفيهم جرعة الأخبار اليوميّة من نمط أقرّ واستقبل وودع وصرّح، الناس صاروا يبحثون في محيطهم عما يشاهدونه في أي مكان بالعالم ويطلبونهُ بقوّة ويفترضون أشكال استحضاره، ولاتعني لهم التحديات الكبرى بدءاً من الفساد وحتى الإفلاس يعتبرون هذا شأناً حكومياً طالما أن الحكومة أيضاً تعتبرهُ شأناً غير مواطني.

الجميع في مأزق في ظل هذه الفوضى المعرفيّة!

وسيم السخلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق