المواطن من الأرض والمثقف من المريخ !
كتب ضياء البصير: المواطن من الأرض والمثقف من المريخ !
في هذه السنين التسعة التي تعجُّ بالكوارث الأمنية التي تضرب البلاد، وجّهت الحكومة كل طاقاتها للمحافظة على أسس البقاء من صحة وأمن غذائي ومائي والأهم للمواجهة السياسية والمسلّحة، ومن الطبيعي جداً في هذه الحالة وكل هذه الصعوبات أن لا نلقى تحرّكاً حكومياً جديّاً لمعالجة وحل المشاكل الأجتماعية والثقافية ... إلخ المتولّدة من رحم الأزمة وما قبلها !
وهنا في كل البلدان عادةً يبرز دور المثقف والأكاديمي الذي يقود دفة البلاد من الداخل ويعزز الوعي الجمعي بالمعلومات اللازمة ويجنّبهم المخاطر المحتملة بكل القضايا، عادةً ما يكون المثقف في كل البلدان كشّاف المستقبل الذي يسبق الجموع بالرؤية ويقودهم في الحاضر ويجنبهم زلّات الماضي، هو جنديٌّ مدني مسلّحٌ بالمعرفة .
قال فرنسيس بيكون مرةً : المعرفة قوة ! أين تُراها قوتنا، أين مثقفونا وأكاديميين هذه البلاد، قد لا يروقُ لهم ما سأقول الأن ولكن أرى أن من واجبي أن أعرض الصورة كاملة دون مخاتلة لا تُفيد، أيها السادة بكل أسف مثقفنا ورجل العلم السوري يغطُّ بغيبوبة في غرف المراكز الثقافية والمنتديات وصفحات الفيسبوك، فتارةً معنيٌ بالشعر الذي لا يمسُّ حالتنا العاطفية فتراهُ يحلل ماذا كتب فلان عن الحصان الأصيل !
ومرةً بأن يُثبت أننا لسنا عرباً وأسأل : ربما صدقت ولكن هل كلامك هذا يُجنبني من أن لا تتداعى عليّ الأمم في دياري وتارةً يحكي لنا عن قصة تحنيط المصريين القدامى لموتاهم ومشاكلهم الفكرية والعقائدية دون اسقاط هذا على أمورنا الواقعية وأسأل هل موتى المصريين القدماء وكل قضاياهم لهم أولوية عندك في الحديث على موتانا وقضايانا !
وتارةً تراه يندب حظّه عن أن الناس لا تقرأ بالعديد من الورشات النمطية المملة التي حفظنا عناوينها (لنقرأ - إقرأ - دمشق تقرأ ... ) وأسأل هل حالك اليوم من انفصام للواقع وعجزٍ عن التحرك بكل الميادين يُشجعنا على أن نتمثّل تجربتك البائسة.
باختصار أيها المثقف أسألك ماذا تنتظر ؟ لا تنقصك كفايةٌ علمية ولا منصاتٌ للحديث، لم لا تُلقّم سلاحك المعرفي الذي لا تدري حتى الأن كم هو قوةٌ ضاربة وتصوّب فوّهة معرفتك نحو مشاكلنا الواقعية الفكرية والإجتماعية .. ، أعدك بأنك لن تحصل على تمويل لتُقيم مبادرات ضخمة للتغيير إن كنت تنتظر ذلك للتحرّك، لكنك ستحصلُ بجهودك الفردية المتواضعة إذا ما عرفت أن تُلامس مُصابنا وقضايانا : على آذاننا الصاغية والأهم على امتثالنا الجماهيري وتطبيقنا لكل ما يعود على مجموعنا بالمنفعة .
ضياء البصير لمدونة الشأن العام - سورية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق